
أصبحت عبارة “التعارف عبر الإنترنت فاشل” شائعة بين مستخدمي تطبيقات المواعدة مثل “تندر” وغيرها، حيث يعاني الكثيرون من الفشل في إيجاد شريك مناسب دون فهم السبب الحقيقي وراء ذلك.
لكن الخبير التكنولوجي والكاتب الألماني توماس كولر، المتخصص في تأثير التكنولوجيا على المجتمع، كشف أن السبب قد يكون متجذرًا في نموذج عمل هذه التطبيقات نفسها. إذ تشير تحليلاته إلى أن هذه المنصات قد لا تكون مهتمة بتحقيق نجاح المستخدمين، لأن ذلك يعني فقدانهم كعملاء!
تطبيقات المواعدة
يشرح كولر أن نجاح المستخدم في إيجاد شريك يعني توقفه عن استخدام التطبيق، وبالتالي خسارة التطبيق لعميلين (المستخدم وشريكه)، مما يؤثر على أرباحه وعدد زواره. ويوضح: “هناك تناقض جوهري هنا: التطبيق الذي يُفترض أن يساعدك في العثور على الحب يستفيد أكثر من أولئك الذين يفشلون في ذلك!”
من جانبها، تُبرز شركة “تندر” إحصائياتها المشجعة: فقد تم تنزيل التطبيق أكثر من نصف مليار مرة منذ إطلاقه عام 2012، وسجّل أكثر من 75 مليار تطابق، كما يُنظم بفضله حوالي 1.5 مليون لقاء أسبوعيًا حول العالم.
لكن كولر، الذي ألف كتابًا عن التعارف الإلكتروني، يشير إلى مشكلة هيكلية في هذه التطبيقات: فهي تعتمد على معايير سطحية مثل المظهر والعمر والموقع، بينما تتجاهل صفاتًا أساسية مثل الذكاء، التعليم، الكاريزما، وحس الفكاهة، والتي يصعب قياسها رقميًا.
ويضيف أن هذا النظام يُحفّز منافسة غير عادلة، حيث يبرز من يقدمون أنفسهم بطريقة مثالية حتى لو كانت غير صادقة.
السياسة تدخل عالم المواعدة أيضًا!
يلاحظ كولر ظهور اتجاهات سياسية في هذه التطبيقات، حيث أصبح العديد منها يسمح للمستخدمين بتحديد توجهاتهم السياسية. ويعلق: “السياسة كانت دائمًا عاملًا مهمًا في العلاقات. معرفة آراء الشريك المحتمل سياسيًا قد يوفر وقتًا ويجنبك خيبات أمل مستقبلية، خاصة في ظل الاستقطاب المجتمعي المتزايد.”
هكذا، يبدو أن التحديات التي تواجه المستخدمين ليست فقط في آلية التطبيقات، بل أيضًا في طبيعة التعارف الرقمي نفسه، الذي يحوّل العلاقات الإنسانية إلى سوق تنافسي يعتمد على الانطباعات السريعة!