يواجه «حزب أمريكا» الذي أسسه الملياردير إيلون ماسك، العديد من التحديات الهائلة التي قد تعرقل طموحاته السياسية، بحسب ما أوردت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية. ويُشكل النظام الانتخابي الأمريكي القائم على مبدأ «الفائز يأخذ كل شيء»، عائقًا رئيسيًا أمام الأحزاب الثالثة.
وتؤكد الصحيفة أن ماسك أمام تحديات كبيرة في مسعاه لتأسيس حزب سياسي مؤثر في الولايات المتحدة، بين النظام الانتخابي القائم، والتحديات التاريخية للأحزاب الثالثة، وطبعه الشخصي، بالإضافة إلى الحاجة لبناء قاعدة جماهيرية متماسكة وداعمة، وهو ما يبدو أن طريق الحزب الجديد لن يكون سهلا.
وحسب أستاذ التاريخ السياسي في جامعة جورج تاون هانز نويل، فإن الولايات المتحدة تفتقر إلى المؤسسات التي تمكّن الأحزاب الصغيرة من تحقيق نجاح كبير، إذ إن الفوز يتطلب انتصارًا حاسمًا، على عكس الديمقراطيات الأخرى التي تتيح للأحزاب الصغرى الحصول على مقاعد بناءً على نسب الأصوات.
ولفت إلى أنه سيتعين على حزب ماسك الامتثال لمتطلبات صارمة للظهور في بطاقات الاقتراع في الولايات المختلفة، خصوصا إذا كان يهدف لدعم مرشحين فيدراليين أو تقديم مرشح رئاسي. وتشمل هذه المتطلبات في رأي نويل، عادةً قواعد الإقامة وتوقيعات العرائض من الناخبين.
فيما وصف الأستاذ في جامعة ديوك ماك ماكوركل، هذه المعايير بأنها «شاقة»، لافتا إلى أنها أعاقت العديد من مرشحي الأحزاب الثالثة في الماضي، بمن فيهم المرشحون البارزون في انتخابات 2024.
وبحسب الصحيفة، فإن الأحزاب السياسية خارج الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة لم تحقق سوى نجاح محدود على المستوى الوطني، وآخر مرة فاز فيها مرشح رئاسي من خارج الحزبين بأصوات انتخابية كانت في عام 1968.
ولم يفز حتى المرشحون الأقوياء مثل الملياردير روس بيرو، الذي حصل على 19% من الأصوات الشعبية في عام 1992، بأية أصوات انتخابية بسبب نظام المجمع الانتخابي. ويعتقد الخبراء أن مرشحي الأحزاب الثالثة يمكن أن يكونوا «مفسدين ومُربكين» يؤثرون على نتائج الانتخابات من دون الفوز بها..
ويقول هؤلاء إن مرشحي حزب ماسك يمكن أن يسحبوا أصواتًا من مرشحي الحزب الجمهوري، خصوصا في انتخابات التجديد النصفي، ما قد يصب في صالح الديمقراطيين.
ورأى تقرير الصحيفة الأمريكية أن ماسك يخطط لاستهداف انتخابات منتصف المدة القادمة، من خلال إستراتيجية وصفها بأنها «قوة مركزة للغاية في موقع محدد على ساحة المعركة».
وأفاد مراقبون سياسيون أن معارضة ماسك للإنفاق الحكومي، التي دفعت به لتأسيس الحزب، قد لا تكون كافية لتشكيل إستراتيجية حزبية طويلة الأمد، كما أن حصول شركاته على عقود حكومية ضخمة يمكن أن يقوض رسالته الليبرالية المزعومة ضد الإنفاق الحكومي وفقا للتحليل.
ويزعم ماسك أن حزبه سيستهدف 80% من «الوسط»، لكن نويل يجادل بأن هذا القطاع ليس لديه بالضرورة التماسك الكافي لتشكيل حزب سياسي قوي، فالناخبون في «الوسط» قد يكون لديهم مخاوف من الأحزاب القائمة، لكنهم لا يشكلون دائرة انتخابية متجانسة ذات أهداف سياسية واضحة ومحددة.
وبعد ابتعاده عن إدارة ترمب وعلاقته المتوترة مع الجمهوريين في الكونغرس، يبدو أن نفوذ ماسك في الحزب الجمهوري يتضاءل. حتى إن حلفاء ترمب يعلنون تأسيس لجان عمل سياسي لمواجهة جهود ماسك.
ورغم ثروة ماسك الهائلة، يؤكد نويل أن الأحزاب القوية تبني قوتها من خلال شبكات الناخبين المخلصين الذين لا يكتفون بتقديم المال، بل يشاركون بنشاط في الحملات ويدعمون الحزب حتى بعد الخسائر المبكرة. هذا النوع من الولاء لا يمكن شراؤه بالمال وحده.
ولعل إحدى أكبر التحديات التي ستواجه ماسك هي طبيعته الشخصية.
وتساءل الخبراء عما إذا كان الملياردير متقلب المزاج، والمعروف بوضع أهداف طموحة وقيادة فرق العمل نحو إنجازات سريعة، سيتحمل العمليات البطيئة والروتينية اللازمة لتسجيل المرشحين في بطاقات الاقتراع، وتقبل الخسائر المتوقعة في السباقات الانتخابية.
ولفت ماكوركل إلى أن «ماسك قد لا يمتلك الصبر اللازم لهذا المسعى». كما أن اختيار المرشحين سيكون تحديًا كبيرًا، حيث سيتعرض ماسك على الأرجح لتدفق من الطامحين الذين يسعون للحصول على تمويله، ما قد يؤدي إلى مواقف محرجة إذا كان عليه أن يدرج عددًا كبيرًا من المرشحين غير المؤهلين.
أخبار ذات صلة