كاتب إيراني أميركي يفضح العلاقات بين إسرائيل وإيران!!! – جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة




كتب عوني الكعكي:
العلاقات بين المخابرات الأميركية وبين إيران علاقات تاريخية، بدأت بعد حرب عام 1973، حين قرّر هنري كيسنجر السيّىء الذكر الذي سجّل له أن يُلغي الجيش العراقي، فذهب للشاه وطلب منه شن حرب على العراق. رفض الشاه طلبه، إذ كان حريصاً على أن يجنّب بلاده شر الحروب. لذلك اتخذ قرار بخلع الشاه وتركيب نظام يأتمر بأوامر المخابرات الأميركية. وهذا ما حصل، إذ أتت المخابرات الأميركية بآية الله الخميني الذي كان يختبئ في العراق، وأخذته الى باريس واستأجرت له منزلاً باسم المخابرات الأميركية في أحد ضواحي باريس.. وللعلم فإنّ آية الله الخميني كان مختبئاً في النجف خوفاً من الشاه، وكان يمنع على الرئيس صدّام حسين أن يفعل معه شيء.
على كل حال، عاد آية الله الخميني الى طهران بطائرة فرنسية بعد أن كانت التظاهرات تعم البلاد الإيرانية. والمعلومات تقول إنّ الإدارة الأميركية كانت قد أرسلت الى سفيرها في طهران تطلب منه التدخل لمنع الانقلاب، فكان جواب السفير: “Too Late”. هذا يؤكد في مكان ما أن المخابرات بعد أن تعاملت مع آية الله الخميني وأصبحت حذرة منه لأنه كان شخصية غريبة ومزاجية وذا عقل صعب.
على كل حال، ترك الشاه طهران وذهب الى صديقه الرئيس أنور السادات الذي كان الوحيد الذي قبل أن يستقبله، بعد أن امتنعت معظم الدول استضافته خوفاً من أميركا.
السادات عزّز الشاه وكرّمه لكن المرض عاجله فأنهى حياته.
تسلم آية الله الخميني الحكم، وكان أوّل عمل قام به أن أعلن الحرب على العراق تحت نظرية التشييع.
وما لفتني بعد هذه المقدمة، هو أنه في عام 2007 صدر كتاب بالغ الأهمية للباحث الأميركي من أصل إيراني كريتا بارسي بعنوان:
Treacherous Alliance: The secret Dealings of Israel – Iran and the united States
«التحالف الغادر: الصفقات السرّية بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة».
والمؤلف بارسي ليس مجرّد باحث أكاديمي، بل كان مستشاراً في السياسة الخارجية للرئيس الاميركي الأسبق باراك أوباما، كما أنه مؤسّس ومدير المجلس الوطني الإيراني – الأميركي NIAC. وقد استند في كتابه الى أكثر من 130 مقابلة شخصية مع مسؤولين سياسيين وأمنيين من الأطراف الثلاثة، إضافة الى وثائق ديبلوماسية وسجلات رسمية لم تُنشر سابقاً.
يرى بارسي أنّ العلاقة بين إيران وإسرائيل لم تكن يوماً علاقة عداء مطلق، كما يروّج لها في الإعلام، بل علاقة قائمة على «الندية الحذرة والمصالح المشتركة. فخلال الحرب الإيرانية – العراقية في الثمانينيات، كانت إسرائيل هي المزوّد الأكبر لطهران بالسلاح، رغم أن الخطاب الإيراني في العلن كان يصف إسرائيل بـ«الشيطان الأصغر».
بل وثّق الكاتب أن 80 % من الأسلحة التي استخدمتها إيران في الحرب، تمّ الحصول عليها عبر إسرائيل بتنسيق أميركي مباشر في ما عُرف لاحقاً بفضيحة «إيران كونترا».
ليس ذلك بحسب، بل يشير الكاتب الى أن إيران في بداية الثمانينيات عرضت على إسرائيل استخدام مطاراتها (وتحديداً في تبريز) في حال قرّرت شنّ غارات على المفاعل النووي العراقي. وهو ما يعكس طبيعة العلاقة العملية.
إلى ذلك، يشير بارسي بوضوح الى أنّ إيران وإسرائيل كيانان طائفيان وأقليات في البنية الثقافية السياسية للمنطقة، ويشتركان في هاجس واحد هو: تفكيك البنية السنّية العربية التي كانت دوماً مركز ثقل الإسلام السياسي والحضاري.
فالصهيونية والصفوية كلاهما يعاديان الإرث العربي الإسلامي. وكلاهما يعتبر قراءة الفتح الإسلامي بوصفه «خطأ استراتيجياً» ينبغي تصحيحه ولو بعد قرون وذلك بوسائل جديدة:
الدولار والميليشيات والعقوبات والصفقات الحليفة. ولهذا فإنّ العدو الحقيقي بالنسبة لهذين الكيانين ليس بعضهما، بل المشرق العربي في هويته السنّية، وهو ما يفسّر الحروب التي أشعلتها إيران في العراق وسوريا ولبنان واليمن بدعم ضمني إسرائيلي.
وحين تطلق إيران صواريخ على إسرائيل، لا يُنظر الى ذلك داخل دوائر القرار باعتباره إعلان حرب وجودية بل يُقرأ على أنه «رسالة تفاوضية خشنة».
ويرى بارسي بوضوح شديد أن كلاً من إيران وإسرائيل تسعيان بطرق مختلفة الى تصحيح ما يعتبرانه خللاً تاريخياً وقع في القرن السابع الميلادي حين زحف العرب من صحرائهم وأسقطوا عرش كسرى وقيصر وأقاموا حضارة جديدة.
هذا الخلل حسب المنظور الصهيوني والصفوي يجب أن يصحّح لا بالسيوف كما كان في السابق، بل بالتحالفات الدولية، وتفكيك الجيوش العربية، وتحويل الشعوب الى شعوب خائفة تبحث عن الخبز لا الكرامة وعن الكهرباء لا السيادة.
خلاصة القول، إن العداء بين إيران وإسرائيل ليس حقيقياً، بل غطاء لحلف مصلحي غادر. فالخلاف ليس على المبادئ بل على الحصص. والمشكلة ليست في سقوط صاروخ هنا أو هناك، بل في سقوط البوصلة لدى من ظنّ أن ما يجري هو حرب «حق وباطل»، بينما هو في حقيقته مجرّد لعبة مصالح لا مكان فيها للصدق ولا للوفاء.
لا تصدّقوا المسرح، والمشهد أعمق من الدخان، والعدو لا يرسل السلاح لحليفه وقت الحرب ثم يعاديه في نشرات الأخبار.

aounikaaki@elshark.com




Source link

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back To Top