أستانا – تسعى كازاخستان لأن تصبح مركزًا أكاديميًا وبحثيًا رائدًا في آسيا الوسطى، وترسيخ مكانتها كمركز إقليمي كبير للمعرفة والابتكار، مُدمجةً المعايير العالمية في نظامها التعليمي، فيما أطلقت خمسة برامج لإنشاء مراكز علمية وتعليمية متميزة في المناطق خلال الفترة 2024-2026، ومن المقرر تنفيذ 17 برنامجًا شاملًا، وذلك بهدف تهيئة البنية التحتية للتدريب، واختبار نتائج البحث العلمي، واعتماد منتجات التكنولوجيا المتقدمة، وتهيئة الظروف لتطوير مشاريع الابتكار في المؤسسات.
واستعرض ساياسات نوربيك وزير العلوم والتعليم العالي الكازاخستاني في لقاء صحافي على هامش منتدى أستانا الدولي الذي اختتم أعماله 30 مايو الماضي، الخطوات التي تقوم بها الحكومة لتعزيز البنية التحتية العلمية للبلاد، مشيرا إلى طرح مناقصات لتمويل برامج علمية خاصة بالشراكة مع الشركات لإنشاء مجمعات تكنولوجية ومراكز هندسية مزودة بمختبرات حديثة في الجامعات.
وأشار الوزير نوربيك إلى إطلاق أول أربعة برامج في أكبر الجامعات الوطنية في كازاخستان عام 2023، ونتيجة لذلك، تم افتتاح 10 مختبرات وخمس ورش عمل فرعية وثلاث شركات ناشئة، كما تم إبرام 14 اتفاقية بقيمة 912,466.62 دولار أمريكي مع مؤسسات خاصة، وجذب استثمارات خاصة تصل إلى 1,538,089.31 دولار أمريكي.
وأشار إلى أهمية تواجد مؤسسات مثل جامعة دي مونتفورت وجامعة كوفنتري صياغة نظام التعليم في كازاخستان من خلال إدخال منهجيات تدريس متقدمة، وقدرات بحثية، ومعايير عالمية، حيث لا تقتصر هذه الفروع على توفير آفاق جديدة للطلاب وأعضاء هيئة التدريس المحليين فحسب، بل تُتيح أيضاً فرصاً بحثية مشتركة تُعزز المكانة الأكاديمية العالمية لكازاخستان.
وقال:”من خلال دمج المعايير العالمية في الجامعات المحلية، تجذب كازاخستان الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الدوليين، وتشجع الابتكار، وتفتح آفاقاً جديدة للاكتشاف العلمي، حيث تُعزز هذه البيئة الديناميكية من التعاون وتبادل المعرفة مخرجات كازاخستان البحثية، مما يضع البلاد في موقع تنافسي في المجتمع الأكاديمي العالمي”.
وأوضح الوزير بوجود 31500 طالب أجنبي يدرسون في كازاخستان، 12 ألفا من الهند، 3 آلاف من روسيا، و2089 من الصين، و1192 من باكستان، و231 من تركيا، و156 من الاردن، و62 من ألمانيا، و43 من كوريا الجنوبية و24 طالباً من الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأشار في هذا المجال إلى وجود 43 أكاديمية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، و2196 طالباً منهم 2091 يدرسون في مرحلة البكالوريوس، و82 طالباً في مرحلة الماجستير، و23 طالباً في مرحلة الدكتوراه، فيما يتوقع وجود نحو 650 ألف طالب يدرسون في ماجستير مهارات الذكاء خلال العام 2025، في الوقت الذي تمكن فيه 340 ألف طالب من التدريب لمختلف البرامج الأكاديمية حتى الآن، منوهاً إلى وجود 20 برنامج تعليمي خاص بالذكاء الاصطناعي، في 20 جامعة منتشرة في كازاخستان.
بناء حضور عالمي
وأوضح الوزير بأن تركيز كازاخستان ينعكس على تحسين جودة البحث، بدلًا من مجرد زيادة عدد المنشورات، طموحها نحو التميز الأكاديمي، حيث إنه ومن خلال الشراكات العالمية، تستفيد الجامعات الكازاخستانية من أحدث منهجيات البحث، مما يُعزز إنتاجها البحثي، ويساهم في حل التحديات العلمية العالمية. وتجذب هذه الجهود الاستثمار الأجنبي والمواهب والتمويل، مما يجعل كازاخستان لاعبًا رئيسيًا في المجتمع الأكاديمي الدولي.
استثمار أجنبي كبير
وأوضح الوزير :”يجذب التحول الأكاديمي في كازاخستان استثمارات أجنبية كبيرة، حيث تعهدت الجامعات الدولية باستثمارات بقيمة 66 مليون دولار أمريكي. تُسهم هذه الاستثمارات في توسيع البنية التحتية التعليمية، وخلق فرص عمل جديدة، وتحسين جودة التعليم. كما يدعم تدفق رأس المال الأجنبي بناء حرم جامعي حديث ومرافق بحثية، وتزويد الطلاب والباحثين بأحدث الموارد”.
وقال:”لا يقتصر دور الاستثمار الأجنبي على إفادة المؤسسات الأكاديمية فحسب، بل يُسهم أيضًا في النمو الاقتصادي الأوسع في كازاخستان. فمن خلال استقطاب أعضاء هيئة تدريس دوليين وتطوير برامج أكاديمية جديدة، تُعزز كازاخستان القدرة التنافسية لجامعاتها، مما يُسهم بدوره في بناء قوى عاملة ماهرة تُسهم في دفع عجلة الابتكار والتنمية الاقتصادية في المستقبل.
مراكز التميز الأكاديمي والبحثي
وأكد الوزير بأن نهج كازاخستان يتجلى في الاندماج في النظام الأكاديمي العالمي في إنشاء مراكز التميز الأكاديمي والبحثي، والتركيز على التدويل والتعليم العابر للحدود الوطنية. وتهدف هذه المراكز إلى تعزيز القدرات الأكاديمية والبحثية للبلاد، حيث تعمل وزارة العلوم والتعليم العالي على تعديل إجراءات التمويل لضمان استمرار الدعم. تتلقى بعض المراكز بالفعل دعمًا من خلال مشاريع علمية، مما يُظهر تقدمًا في مواءمة البنية التحتية الأكاديمية في كازاخستان مع المعايير العالمية.
وأضاف الوزير نوربيك، بأن بلاده احتضنت فروعًا لثماني جامعات أجنبية خلال 2024، موضحا بأن وزارته تخطط لتحويل كازاخستان إلى مركز أكاديمي في منطقة أوراسيا، وقال:”تم إنشاء وافتتاح ثلاثة وعشرين شراكة أكاديمية خلال عامين فقط، وسيتم افتتاح ثلاثة حرم جامعي دولي مرموق آخر في كازاخستان. وقد سمحنا للجامعات الأجنبية في كازاخستان باستثمار أموالها في بناء أو شراء مبنى وتوفير التعليم بنظام أجنبي. وتعمل هذه الجامعات وفقًا للوائح حكومية خاصة. على سبيل المثال، ستُخرّج جامعة دي مونتفورت في ألماتي أول دفعة من تخصصاتها 2025. وستمنح هذه الجامعة البريطانية درجة البكالوريوس بناءً على نظامها وسياسة القبول الأكاديمي الخاصة بها”.
وقال:”تم افتتاح حرم جامعة كوفنتري، الذي يغطي مساحة ثمانية هكتارات، في أستانا، كما سيُفتتح حرم جامعي لجامعة ووسونغ الكورية في تركستان، ويمكن لخريجي هذه المؤسسات التعليمية، الحاصلين على شهادات أجنبية، العمل في هذه البلدان. كما تخطط كازاخستان لافتتاح فروع لورش عمل أجنبية لتدريب المتخصصين التقنيين والهندسيين”.
وفي الوقت نفسه، كشف الوزير نوربيك أن هناك أكثر من 80 ألف طالب كازاخستاني يدرسون حاليًا في جامعات أجنبية، وأكبر عدد من الطلاب – يبلغ 60,000 طالب يدرسون في روسيا، وفي إطار برنامج بولاشاك للمنح الدراسية، يدرس أكثر من 1,000 طالب حول العالم، معظمهم في المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويلتحق خريجو مدرستنا بجامعات في هونغ كونغ وكوريا الجنوبية، ويدرس ما يقرب من 450 طالبًا في هونغ كونغ و1,000 طالب في كوريا الجنوبية