مخطط الأفاعى.. كيف تحالف الإخوان مع إسرائيل لتشويه صورة مصر؟



فى الوقت الذى تواصل فيه الدولة المصرية دورها التاريخى فى دعم القضية الفلسطينية، تحاول جماعة الإخوان الإرهابية استغلال الأمر لأغراض مشبوهة، وتحويل المأساة فى قطاع غزة إلى منصة للهجوم على مصر وترويج الأكاذيب، وبالتوازى مع خطاب إعلامى موجه ومعارك إلكترونية منظمة، تنشط الجماعة الإرهابية فى شن حرب نفسية تستهدف بث الفتنة، وتقويض الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. 

تفاصيل تلك الحملة الإخوانية تكشفها «الدستور»، من خلال آراء عدد من الباحثين فى شئون الجماعات الإسلامية، الذين يتحدثون عن خيوط مخطط الجماعة لتشويه الدولة المصرية، وتفاصيل الحرب الدعائية التى تخوضها الجماعة، بالتوازى مع تنفيذ أجندات خارجية، لعدة دول، على رأسها الاحتلال الإسرائيلى، مستخدمة، فى ذلك، كل أدوات التضليل ونشر الشائعات والأكاذيب، فى محاولة يائسة لإعادة إنتاج مشروعها الساقط.

عمرو فاروق: محاصرة السفارات للضغط على القيادة وترويج الأكاذيب لإثارة السخط والهجوم على الوطن

قال عمرو فاروق، الباحث فى شئون الجماعات الأصولية، إن جماعة الإخوان الإرهابية اعتادت على المتاجرة بالقضية الفلسطينية لتحقيق أهداف سياسية، مشيرًا إلى أنها وجدت فى هذه القضية أداة للطعن فى الدولة المصرية، مع محاولة توحيد عناصر ما يعرف باسم «جبهة المعارضة فى الخارج».

وأوضح «فاروق»، فى تصريحات لـ«الدستور»، أن «الإرهابية» تسعى إلى خلق قضية تجمع الفرقاء، خاصة فى ظل انقسام الجماعة إلى ثلاث مجموعات، فضلًا عن جمع المستقطبين من المصريين فى الخارج ممن لديهم مواقف من الدولة المصرية. 

وأكد أن الجماعة تسعى إلى ربط تيارات ودوائر الإسلام السياسى، سواء فى الداخل أو الخارج، ومهما كانت جنسياتهم، فى محاولة لتشكيل جبهة ضغط، مشيرًا إلى أن محاصرة السفارات المصرية بالخارج تعد من بين أدوات الضغط على الدولة المصرية. وأضاف: «الخطاب الإخوانى الموجه يقوم على شقين؛ أحدهما للداخل المصرى بهدف تحريك الشارع ضد الدولة، وآخر للخارج بهدف الضغط من خلال الجاليات العربية والإسلامية، فى إطار محاولات خلق حالة من السخط، ويستخدم الإخوان هذه الأدوات والآليات من منطلق عدائهم مع الدولة المصرية والنظام السياسى الحالى، لكن السنوات العشر الأخيرة شهدت تناميًا فى وعى المصريين فى الداخل، وكذلك الجاليات بالخارج، الذين باتوا أكثر وعيًا بمخططات الجماعة».

ونوه بأن الهجوم على مصر من قبل الإخوان ليس نابعًا من موقف إنسانى تجاه القضية الفلسطينية، وإنما يهدف لتشويه صورة الدولة المصرية، رغم أن مصر لم تتأخر يومًا فى أداء دورها القومى فى دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال إدخال المساعدات أو التفاوض على إطلاق الرهائن ووقف إطلاق النار.

وأكد أن تأثير جماعات الإسلام السياسى تراجع كثيرًا فى الشارع المصرى نتيجة ارتفاع الوعى الشعبى، مشددًا على أن الإخوان «جماعة وظيفية»، تستخدم من قبل أجهزة أمنية خارجية للضغط على مصر فى عدد من الملفات.

واستطرد: «المعركة فى الوقت الراهن باتت تدار بشكل رئيسى من خلال الفضاء الإلكترونى ومنصات التواصل الاجتماعى، عبر حملات ممنهجة تقوم بها عناصر موالية لجماعة الإخوان الإرهابية، تستهدف تشويه صورة الدولة المصرية أمام الرأى العام الداخلى والخارجى، من خلال تضخيم المشكلات، وترويج الشائعات، واختلاق الأكاذيب لخلق حالة من القطيعة النفسية بين المواطن ومؤسسات الدولة، فى إطار ما يعرف باستراتيجية (التدمير النفسى)، التى تهدف إلى نشر مشاعر اليأس والإحباط والاكتئاب، كإحدى أدوات الحروب النفسية التى تسعى لإسقاط الدولة معنويًا قبل انهيارها سياسيًا أو أمنيًا».

وشدد «فاروق» على أهمية دور الإعلام الرسمى، سواء عبر وسائل التواصل أو الفضائيات والصحف القومية، وكذلك من خلال الإنتاج الدرامى، فى تشكيل وعى المواطن، وكشف مخططات جماعة الإخوان، التى باتت تمثل رقمًا رئيسيًا فى معادلة إسقاط الدول، لا سيما بعد فشلها فى السيطرة على مصر عقب ثورة ٣٠ يونيو، وانحياز الشعب المصرى إلى مؤسساته الوطنية، خاصة القوات المسلحة.

وعن عودة حركة «حسم» الإخوانية إلى الواجهة، من خلال إصدار مرئى جديد تضمن تهديدات صريحة للأمن القومى المصرى بعد فترة غياب منذ آخر عملية تبنتها الحركة فى تفجير معهد الأورام عام ٢٠١٩، قال: «هذا الظهور يدخل فى إطار الوظيفة التكتيكية للجماعة، ويهدف إلى تحقيق عدة أهداف متزامنة، أبرزها: إحياء الصورة الذهنية للحركة باعتبارها لا تزال فاعلة ميدانيًا، ومحاولة إرباك الأجهزة الأمنية بفتح جبهات متعددة، وتحفيز الخلايا النائمة والعناصر الحاضنة المتعاطفة مع الجماعة».

وأشار الباحث فى شئون الجماعات الأصولية إلى أن حركة «حسم» تمثل تجسيدًا حقيقيًا للفكر المؤسس لجماعة الإخوان، وتعد امتدادًا مباشرًا للتنظيم السرى المسلح الذى أنشأه مؤسس الجماعة حسن البنا فى أربعينيات القرن الماضى، والذى نفذ عشرات العمليات الإرهابية.

مصطفى أمين عامر: استهداف المواطن البسيط بالدعاية السوداء باعتباره الحلقة الأضعف

أكد مصطفى أمين عامر، الباحث فى شئون الجماعات الإسلامية، أن استخدام الجماعة الإرهابية الشائعات لطالما شكل أحد الأسلحة الاستراتيجية لها، موضحًا أن هذا النمط من الاستهداف لم يكن وليد لحظة ما بعد ٢٠١٣، بل استخدمته الجماعة حتى قبل وصولها إلى الحكم عام ٢٠١٢، وتكثفه بشكل ممنهج عقب ثورة ٣٠ يونيو.

وقال «عامر» إن الجماعة عمدت إلى نشر الشائعات لإثارة الفتنة والتشكيك فى إنجازات الدولة، ومحاولة دفع المواطنين نحو الفوضى والتظاهر، من خلال بث صورة دائمة للأزمة داخل المجتمع، معتقدة أن هذا الأسلوب قد يؤدى إلى تحركات ضد النظام. وأضاف: «جماعة الإخوان استخدمت منصات إعلامية وحسابات منظمة عبر فيسبوك وتويتر كأدوات أساسية فى تنفيذ هذا المخطط، بما يعكس مدى احترافيتها فى توظيف التكنولوجيا فى معركتها ضد الدولة».

وأشار إلى أن الجماعة لا تزال تعتمد على ما أسماه «فقه المحنة» كخطاب دائم للترويج للمظلومية بعد عزل محمد مرسى، وتسوق لنفسها كضحية للدولة، بهدف كسب التعاطف والاحتفاظ بقاعدتها داخل المجتمع. وقال: «المواطن البسيط هو الحلقة الأضعف، ولذلك تسعى الجماعة إلى استهدافه بدعاية سوداء تحرف الواقع، وتصور الدولة فى مشهد العجز، بينما تلعب على وتر الحاجة والمظلومية».

إسلام الكتاتنى:  توظيف لجان إلكترونية لترويج الأكاذيب

أوضح إسلام الكتاتنى، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن جماعة الإخوان لا تزال تتحرك وفق استراتيجية متكاملة منذ عام ٢٠١٣ وحتى اليوم، تقوم على أربعة محاور رئيسية، منها خلق المظلومية، وتوظيف الأزمات الاقتصادية داخليًا وخارجيًا، واستغلال الأوضاع الإقليمية، خاصة فى غزة، لتشويه الدور المصرى وتلميع صورة الجماعة أمام الرأى العام.

وأوضح «الكتاتنى، أن الجماعة تستخدم ٨ أدوات رئيسية لخدمة هذا المخطط، أبرزها: القنوات الفضائية المملوكة أو الممولة من الإخوان، أو تلك المتماهية مع خطابهم الإعلامى، إلى جانب جيش من صناع المحتوى على «يوتيوب»، وصفحات ومواقع إخبارية إلكترونية تروج لرواياتهم.

وتابع: «كما تعتمد الجماعة على لجان إلكترونية منظمة، وشركات علاقات عامة خارجية تعمل على تحسين صورتها، فضلًا عن منظمات حقوقية تنقل وجهة نظرها إلى المحافل الدولية، وعدد من السياسيين والنشطاء داخل مصر، إضافة إلى دعم سياسى واضح من قوى غربية، فى مقدمتها بريطانيا والولايات المتحدة».

وأضاف أن الجماعة، فى ظل هذه المنظومة، تروج لموجة متواصلة من الشائعات، وتلعب بمهارة على وتر العاطفة لدى المواطن المصرى المعروف بتأثره بالمشاهد الإنسانية والنصوص الدينية، مشيرًا إلى استغلال الإخوان مأساة غزة كذريعة لمهاجمة الدولة، والزعم بأنها تغلق المعبر وتشارك فى الحصار، فى محاولة لتأليب الرأى العام ضد الدولة.

وأشار إلى أن مصر تواجه منذ عام ٢٠٠٣ مخططًا طويل الأمد لتفتيت المنطقة، عرف باسم «مشروع الشرق الأوسط الكبير»، بدأ باحتلال العراق فى ٢٠٠٣، وتوالت مراحله فى ثورات ٢٠١١، ثم فى الفوضى بسوريا، التى منحت الإخوان دفعة جديدة بعد نكستهم فى مصر، فحاولوا تكرار السيناريو السورى داخل البلاد، لكنهم فشلوا بفعل وجود جيش وطنى قوى ولحمة شعبية.

وأكد أن الجيش المصرى يتميز بعقيدة قتالية موحدة، وبتماسكه مع الشعب فى أوقات الأزمات، ما يصعب تكرار سيناريوهات دول أخرى فى مصر، مشيرًا إلى أن أى محاولة للمساس بالأمن القومى المصرى تقابل باصطفاف شعبى واسع، وأن من يشذ عن هذا الاصطفاف هم عناصر الجماعة وأنصارها.

منير أديب: استخدام الـAI لصناعة أكاذيب أكثر تأثيرًا

أشار منير أديب، الباحث المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، إلى إن جماعة الإخوان الإرهابية باتت عاجزة عن تقديم أى مشروع حقيقى للمجتمع، ما يدفعها إلى استخدام الشائعات كسلاح موجه ضد الدولة، مشيرًا إلى أن هذه الجماعة تلجأ إلى الأكاذيب لتقويض الحقائق التى تمتلكها الدولة ومحاولة زعزعة ثقة المواطنين فى المؤسسات.

وأوضح «أديب» أن الدولة تستند إلى أرقام ووقائع ومؤشرات حقيقية تعكس رؤيتها المستقبلية، ما تفتقر إليه الجماعة الإرهابية، لذا فإنها لا تجد أمامها سوى التزييف والتضليل كوسيلة للهدم وليس للنقد، لافتًا إلى أن الهدف الأساسى للإخوان ليس المعارضة، بل إسقاط الدولة بالكامل، وهو هدف مشترك بينهم وبين قوى معادية مثل إسرائيل.

وأشار إلى أن تاريخ الشائعات يرتبط بالأعداء دائمًا، مؤكدًا أن إسرائيل- خلال حروبها مع مصر- لجأت بكثافة إلى استخدام الشائعات لضرب الجبهة الداخلية، وهو الأسلوب ذاته الذى تتبناه الجماعة الإرهابية اليوم، مضيفًا: «من يريد هدم الدولة لا يواجهها بالحقيقة، بل يضربها بسلاح الكذب، وهذا ما يجمع بين الجماعة وتل أبيب، حتى وإن لم يكن هناك تنسيق معلن بينهما».

وأضاف: «ورغم أن إسرائيل تخوض صراعًا مفتوحًا مع القاهرة منذ عقود، فإن الجماعة التى تدعى دعم القضية الفلسطينية تتطابق معها فى المواقف والدعاية، بل وتروج لرسائل إعلامية تتماهى مع أبواق العدو الإسرائيلى».

وأكد «أديب» أن الجماعة تستغل التكنولوجيا الحديثة، بما فى ذلك أدوات الذكاء الاصطناعى ووسائل التواصل الاجتماعى، فى بث الشائعات وصناعة الأكاذيب بصورة أكثر تأثيرًا وانتشارًا.

 





Source link

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back To Top