شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – لولا الجيش – جريدة الشرق اللبنانية الإلكترونيّة




لا يمكن أن يمر عيد الجيش من دون توجيه التحية الى هذه المؤسسة الوطنية الكبرى التي لا تزال، وحدها، الجامع المشترك بين اللبنانيين جميعاً، ليس فقط من خلال انضواء الأسر اللبنانية كافة في صفوفها، قيادةً وضباطاً وصفوف ضباط ورتباءَ وعناصر… بل كذلك بفضل دورها على مختلف المجالات لا سيما على الصعيد الأمني.

قُدِّرَ لي في الحقبة الدقيقة التي أعقبت الحرب، في مطلع تسعينات القرن العشرين الماضي، أن اكون قريباً من جيشنا عبر المسؤولية التي أُسندت إليّ في إحدى أكثر المراحل الوطنية دقةً وصعوبة وحراجة. وفي وقت كان الجيش يعاني شرذمة وانقساماً جراء حرب السنتين والحروب التي فرّخت على هامشها طوال خمس عشرة سنة، اتُّخِذَ قرار إعادة توحيد الجيش بالرغم من أن سفراء دول غربية، أميركية وأوروبية، حذّروا من أن القرار «متهور»، ويجب التريث. إلا أن القيادة، أصرت على ضرورة تنفيذ قرار «دمج الألوية» الذي تم بسلاسة وتجاوب شبه مطلق…

لقد لمست، من تجربتي بما فيها ترؤسي تحرير مجلة الجيش في تلك الحقبة بالغة الدقة والخطورة أمرين متلازمين هما: لا حياة للبنان من دون جيش، وليس في لبنان مؤسسة رسمية واحدة تكاد أن تكون فوق الشبهات إلا الجيش. ولنستعرض المحطات العصيبة التي اجتازها هذا الوطن في العقود الأربعة المنصرمة، وقبل حرب العدو الإسرائيلي الأخيرة على لبنان وخلالها وبعدها وحتى اليوم، (نهر البارد، أحداث الضنية، أحمد الأسير، حرب الجرود في مواجهة الإرهاب، الأمن في الداخل الخ…) فهل كان بقي شيء من الكيان اللبناني لولا الجيش؟!.

وأبسط، وأشد بلاغة من ذلك كله بكثير: هل كان في القدرة أن تُجرى الانتخابات النيابية العامة الأخيرة، لولا الجيش؟!.

ولم تحدث تلك الإنجازات كلها بالمصادفة أو بسهولة… إنما بأعلى الأثمان وأغلاها: بالدماء الطهور التي روى بها شهداء الجيش الأبرار كل شبر من أرض لبنان وهم الذين نذروا أنفسهم لأعظم التضحيات، فقدموا المُهَج والأرواح على مذبح الوطن.

لقد بيّنت لي التجربة الشخصية أن جيشنا اللبناني كان ولاؤه، دائماً وأبداً، لوطنه لبنان… ويكابر من لا يذكر بعض الأخطاء هنا أو هناك، ولكنها لم تخرح عن سياق الإيمان بلبنان وطناً نهائياً لأبنائه جميعهم…

وفي هذه الحقبة المصيرية من حظ لبنان أنه كان على رأس هذا الجيش العماد جوزاف عون القائد المشبَع بالوطنية والصلابة والاحتراف العسكري، والأمين على التضحية والشرف والوفاء، كما على رأسه اليوم القائد العماد رودولف هيكل المشهود له بالمناقبية ورفيع الأخلاق والتزام المبادئ الوطنية السامية.

ويا جيشنا البطل «إلى الأمام سر» مرفوع الرأس بالكرامة والعنفوان،  عامر الصدر بالمحبة منك لشعبك ومنه إليك. والمجد والخلود لشهدائك الأبطال الميامين.

khalilelkhoury@elshark.com




Source link

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back To Top