الوعي الإسلامي | الجاحة إلى تنمية الشعور الإسلامي


محمد واضح رشيد الحسني الندوي رحمه الله

لاشك أن الاستعمار في عهده الطويل أحدث مشاكل في العالم الإسلامي، ولكن العقل المسلم في عهد الحرية أخفق في معالجة هذه المشاكل، بل على العكس لم يبذل أي محاولة لمعالجتها، كان منها الجهالة والفقر، فلم تبذل مساع واسعة للتقدم في التعليم، ورفع مستوى الاقتصاد ومكافحة الجهل والفقر بينما بذلت هذه الجهود في الدول الأخرى في هذه الفترة وأثمرت هذه الجهود.

أنبتت أرض أوربا مذاهب فكرية وفلسفات وحركات تخريبية تتعارض مع التربية الإسلامية، وتعادي الإسلام، وهي نشطة في العالم الإسلامي، وتنشر أفكارها ومناهجها بحرية مكفولة من حكومات هذه الدول وهي حركات مشبوهة وصلتها بأعداء الإسلام، صلة معروفة، لا يتصدى لها النظام القائم في البلاد، ولا العقول المسلمة.

تعمل في العالم الإسلامي حركات ودعوات إسلامية ومنظمات اقتصادية واجتماعية، وهي مفرقة بل متعارضة، وبعض هذه الحركات مكررة، تعمل في مجال عمل واحد، فيحدث صراع بينهما وبين قادتها، فتوجه هذه الطاقات العامة إلى إحباط جهود الآخرين العاملين في نفس المجال فيتصارع العاملون وتضيع هذه الجهود، فيجري عمل البناء وعمل الهدم في وقت واحد، بينما نرى في الأمم الأخرى، روح التشاور والتعاضد في المؤسسات والمنظمات التي لها هدف واحد، وكان روح التشاور والتعاون، والتعاضد سمة المسلمين، وتعليم الإسلام “وأمرهم شورى بينهم وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”  وقد تعدى هذا الصراع إلى المؤسسات السياسية، ولا تستثنى منها المدارس الدينية، فإن العصبيات والأنانيات سادت جميع مؤسسات المسلمين ونشاطاتهم، ولذلك يواجه المسلمون التناحر والتحارب فيما بينهم أكثر مما يواجهون الخطر الخارجي.

وقد جرب المسلمون مرارة هذه النزاعات الداخلية في بلدانهم وبيئاتهم وتكبدوا خسائر فيها تفوق خسائر الحروب التي فرضت عليهم من الأعداء، ودمروا طاقاتهم بأنفسهم، ولا تزال توجد قضايا تحول طاقات المسلمين من البناء إلى الهدم وتشغلهم عن إصلاح ما فسد في عهد الاستعمار، وأحياناً تؤدي إلى استعانة بعض الدول الإسلامية بدول الأعداء لحل مشاكلها الداخلية، وتتيح لها فرص التدخل في الشؤون الداخلية.

كان من حق العقل المسلم المثقف المخلص للوطن، وللأمة أن يعالج هذه الأوضاع الداخلية، ويبحث عن حل لهذه النزاعات سواء كانت فقهية، أم كانت عنصرية، أم كانت سياسية، وجغرافية، ويحول دون إهدار كرامة المسلمين ودمائهم، ويؤلف بين الفرق المتصارعة ويسد المنافذ للتدخل الأعداء، سواء كان هذا التدخل بمثابة الخبراء والمستشارين أم كان بمثابة الحماة، والحراس.

إن تنمية الشعور الإسلامي، وبث الأخوة الإسلامية، وتحكيم الشريعة الإسلامية للتغلب على القضايا والمشاكل الداخلية والخارجية هو المخرج الوحيد من  هذه الازمات التي يواجهها المسلمون اليوم.



Source link

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back To Top