فيما تسعى السلطات الألمانية إلى رفع أعداد جيشها النظامي من نحو 180 ألف جندي إلى 260 ألفاً، وإضافة مئات الآلاف من الجنود الاحتياطيين الذين يمكن استدعاؤهم في أوقات الأزمات، تواجه نقصاً حاداً في العنصر البشري بسبب ارتفاع السن بين السكان.
وبحسب وكالة «بلومبيرغ»، فإن ألمانيا تسعى إلى حشد عددٍ كافٍ من الجنود لدفع خطة إعادة التسليح في مواجهة التهديدات الروسية المتنامية، بيد أن هذه المساعي تصطدم بتحديات اجتماعية واقتصادية، في ظل الضغط الشديد الذي يعاني منه سوق العمل، وشيخوخة السكان.
ولفتت في تقرير لها إلى أن برلين تتخذ بعض الخطوات لإعادة العمل بنظام التجنيد الإجباري، واقترح محللون إمكانية ضم المهاجرين إلى قوات الجيش.
ويجادل البعض حول ما إذا كانت هناك حاجة فعلية إلى إعادة فرض التجنيد الإجباري، الذي عُلّق عام 2011، إذ يؤيد نحو 55% من الألمان هذه الفكرة، بينما تُخطط الحكومة الائتلافية لنموذج تطوعي مستوحى من السويد، في وقت ترك ميرتس ووزير الدفاع بوريس بيستوريوس الباب مفتوحاً أمام إعادة التجنيد الإجباري إذا كان التقدم بطيئاً للغاية.
ويتوقع أن تُقرّ حكومة ميرتس التشريع في الأسبوع الأخير من أغسطس القادم، بحيث يُمكن تطبيق الخدمة العسكرية التطوعية بحلول يناير. ويهدف بيستوريوس إلى جذب أكثر من 110 آلاف مجند بحلول نهاية العقد.
وذكرت «بلومبيرغ» أن المشرعين المحافظين يطالبون شركاءهم في الائتلاف من الحزب الاشتراكي الديمقراطي بتشديد قانون التجنيد الإجباري من خلال آلية مُلزمة لإعادة الخدمة العسكرية الإلزامية في حال فشل النموذج التطوعي في جذب عددٍ كافٍ من الأفراد.
وفي هذا السياق، حذر الخبير الاقتصادي في معهد أبحاث التوظيف إنزو ويبر من أن الاقتصاد الألماني سيتكبد خسائر فادحة إذا لم تستغل برلين كفاءات قوتها العاملة.
وقال: من منظور سوق العمل، ولصالح القوات المسلحة أيضاً، يجب أن نضمن أن يكون الأنسب للوظيفة هم من يذهبون إلى هناك، وليس من هم أكثر ملاءمة لوظائف أخرى.
وتعتبر شيخوخة السكان في ألمانيا مشكلة بالنسبة للجيش الذي أعلن أنه سيحتاج إلى استبدال «موجة» من المتقاعدين، والبحث عن أشخاص جدد، إلا أنه يُصرّ على أن أي نموذج قائم على التجنيد الإلزامي لن يُستخدم إلا لزيادة احتياطي الجيش، بينما سيتعين إيجاد موظفين بدوام كامل من خلال وسائل أخرى.
يذكر أنه في عام 2024 انخفض عدد الجنود إلى أقل من 180 ألف جندي، وهو أدنى مستوى منذ عام 2018، على الرغم من الجهود المبذولة منذ فترة طويلة للوصول إلى أكثر من 200 ألف جندي.
وأقرت المفوضة البرلمانية السابقة للقوات المسلحة إيفا هوجل في تقرير صدر في مارس الماضي بأن الجيش واجه لسنوات تحديات كبيرة في التجنيد، تفاقمت بسبب التغير الديموغرافي والمنافسة في سوق العمل المدني.
ولفتت «بلومبيرغ» إلى أنه في حين أن إجبار الناس على الخدمة قد يبدو حلاً فعالاً من حيث التكلفة، إلا أن الباحثين في معهد «إيفو» في ميونيخ يُحذرون من أن هذا ليس هو الحل، وذلك لأن المجندين يقضون وقتاً أقل في سوق العمل، ما يُؤخر تعليمهم ويُقلل دخلهم في نهاية المطاف.
أخبار ذات صلة