أخبار وتعليقات | التلاعب الانتخابي في مهاراشترا


الدكتور محمد سعود الأعظمي

في سابقة سياسية لافتة، كشفت صحيفة إندين إكسبرس، في عددها الصادر بتاريخ 7 يونيو 2025م، عن مقال مطوّل نشره زعيم المعارضة في لوك سبها، السيد راهول غاندي، وجّه فيه اتهامًا صريحًا بأن انتخابات ماهاراشترا لعام 2024م لم تكن مجرد منافسة انتخابية، بل كانت “مشروعًا صناعيًا لتزوير إرادة الناخبين”، نُفّذ بمنهجية دقيقة، وبمشاركة مؤسسات يُفترض أن تكون حارسة للديمقراطية.

في مقاله التحليلي الصادم، طرح غاندي خمس خطوات أو حلقات متكاملة من سلسلة “تزوير انتخابي” قال إنها شوّهت العملية الانتخابية من جذورها، ووجّه أصابع الاتهام إلى لجنة الانتخابات والحكومة المركزية التي وصفها بأنها “خصم وحكم في آنٍ واحد”.

التعيين المُسيّس لمفوضي الانتخابات:

أولى القضايا التي سلّط غاندي الضوء عليها كانت آلية تعيين المفوضين في لجنة الانتخابات الهندية لعام 2023م، والتي جرت – حسب مقاله – عبر لجنة برئاسة رئيس الوزراء نفسه، وبحضور صوري للمعارضة التي يمكن تجاوزها بقرار مباشر. وقال غاندي: “في أي نظام ديمقراطي حي، يجب أن تكون لجنة الانتخابات مؤسسة محايدة. فحين يصبح الحكم بيد الخصم، من الطبيعي أن نخسر المباراة حتى قبل بدئها.” وقد أثار تعيين مفوض انتخابي محسوب على السلطة التنفيذية، عوضًا عن قاضٍ سابق بالمحكمة العليا، قلق الأوساط القانونية والحقوقية في حينه.

وفي ما وصفه راهول غاندي بـ”الفقاعة الرقمية”، قدّم أرقامًا قال إنها صادرة عن لجنة الانتخابات الهندية نفسها، تكشف عن تضخّم غير مبرر في عدد الناخبين المسجلين في ولاية ماهاراشترا خلال فترة زمنية قصيرة على نحو يثير الشكوك:

  • في عام 2019م، بلغ عدد الناخبين 8.98 كرور ( 89.8 مليون)
  • مع بداية عام 2024م، ارتفع العدد إلى 9.29 كرور (92. 9 مليون)
  • قبيل انتخابات نوفمبر 2024م، قفز الرقم إلى 9.70 كرور ناخب ( 97.0 مليون)

أي أن الزيادة كانت على مرحلتين: 3.1 مليون ناخب خلال خمس سنوات، تلتها قفزة مفاجئة بـ4.1 مليون خلال بضعة أشهر فقط، بينما تُظهر بيانات التعداد أن النمو السكاني لم يتجاوز 950 ألف نسمة في تلك الفترة.نسب تصويت تتحدى قوانين المنطق

واحدة من أكثر النقاط إثارة للجدل في مقاله كانت نسبة الإقبال على التصويت، التي ارتفعت من 58.22% عند إغلاق الصناديق إلى 66.05% في صباح اليوم التالي، أي بزيادة 7.83% تعادل 7.6 مليون صوت إضافي. أخطر ما في الأمر – كما أشار غاندي – أن هذه الأصوات الإضافية ظهرت بشكل مفاجئ بعد انتهاء الوقت القانوني للاقتراع، ودون تفسير شفاف من اللجنة.

تركيز التزوير في 35 دائرة انتخابية

بحسب التحليل الرقمي الذي أورد غاندي تفاصيله، فإن 35 دائرة فقط من أصل 288 دائرة شهدت النسبة العظمى من هذه الزيادة المفاجئة، وكلها تقريبًا دوائر حاسمة لتحالف الحزب الحاكم (NDA).

بل ذهب المقال إلى أبعد من ذلك حين قال: “بعض هذه الدوائر صُنّفت ضمن دوائر ‘غير قابلة للكسب، لكن فجأة، امتلأت بصناديق اقتراع تفيض بأصوات لم يُشاهد أصحابها من قبل، ولم تُرصد أسماؤهم في لوائح الناخبين الأصلية.” وضرب مثالًا صارخًا بمقعد سانتراكروز، الذي فاز فيه تحالف الحزب الحاكم بفارق يفوق 57 ألف صوت رغم أن حزب المؤتمر حصل على 136 ألف صوت، وهو رقم يُعد قويًا في السياق المحلي.

طمس الأدلة ورفض الشفافية

في ما وصفه غاندي بـ”حرق الوثائق الانتخابية المعاصر”، اتهم لجنة الانتخابات برفض الرد على استفسارات المعارضة، وبأنها أزالت صور القوائم الانتخابية من موقعها الرسمي لعام 2024.

وفي تطور لافت، رفضت الحكومة المركزية الاحتفاظ بلقطات كاميرات المراقبة (CCTV) داخل مراكز الاقتراع، على الرغم من أوامر المحكمة العليا بحفظها. كما تم تقييد الوصول إلى أرقام بطاقات الناخبين، مما حال – حسب قوله – دون تمكين أي جهة مستقلة من التحقق من وجود “ناخبين وهميين”.

أنهى راهول غاندي مقاله بكلمات حادة:

“قوائم الناخبين والكاميرات ليست أدوات ديكور، بل أسلحة للدفاع عن الديمقراطية. إن لم نستعد السيطرة على نظامنا الانتخابي، سنفقد الجمهورية ذاتها.” وصف الانتخابات بأنها “لم تعد منافسة نزيهة، بل مشروع مخطط للهيمنة على الدولة عبر الصندوق”. وكتب: “الانتخابات المزورة سم قاتل لأي ديمقراطية، ولا يُمكن لأحد أن يعيش طويلاً في ظل سمٍّ صامت.”



Source link

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back To Top