أجساد المصريين “لحم رخيص” تلتهمه مراكز التجميل “اللاجراحي”.. وزارة الصحة والمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام إنها مسئوليتكم



الجمال من أهم سمات المرأة، وان كنت أري أن كل سيدة جميلة، صدق الله العظيم حين قال “وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ”، وكان للمرأة النصيب الأكبر من حسن الخلق..دائما ما تبحث المرأة عن مصادر تزيدها جمالا، كما تخبرنا نقوش قدماء المصريين علي جدران المعابد وقصص وحكايات عن استخدام مكونات الزينة الطبيعة التي تتحلي بها المرأة.. مع مرور الزمن  الأمر لم يتوقف باستخدام مستحضرات من مواد طبيعية، إلي أن فرضت التكنولوجيا واقع جديد بما لديها من تقنيات حديثة تساعد الإنسان علي طلة بهية ومعالجة أي تشوهات يفرضها  علم التجميل والأطباء المتخصصين في هذا المجال.
الحقيقة أن الأطباء المصريين في  فن علم التجميل لهم باع طويل وممارسة متخصصة تتلهف كل إمرأة عربية قبل المصرية أن تخضع  لنصائح هؤلاء الأطباء البارعين في علم الجمال، وان كانت الفاتورة باهظة إلا أن معظم السيدات والرجال أيضا في محاولة دائمة اقتطاع جزء من مصادر دخولهم لهذا الفن التجميلي الطبي، حتي الرجال ينتهجون نهج السيدات في مجال الطب التجميلي، وان كان  إعلانات المراكز الطبية  تركزعلي شرح وتفصيل اجراءات التجميل للمرأة عن الرجل، فهذه أمور تسويقية يعرفها جيدا المتخصصون في علم التسويق “البيع والشراء” استهداف المرأة أقوي في نتائجة عن استهداف الرجل علي عكس إعلانات التسويق العقاري الذي يستهدف الرجل بصورة أقوي. 
منذ أيام اطلعت علي إعلان لإحدي مراكز التجميل.. مذيل بعنوان ” التجميل اللاجراحي”، وبصفتي إمرأة استوقفني العنوان لعل أجد ضالتي التي أنشدها “مركز تجميل متخصص بتكلفة أقل”، إلا أن جملة “التجميل اللاجراحي” وبفضول المرأة قررت أن أبحث عن معلومات تفسر هذا المصطلح، وبشكل سريع لجأت إلي تطبيقات الذكاء الاصطناعي كي يضعنا علي بداية الطريق، فسألناه ماهو “التجميل اللاجراحي”، فأجاب: “هو مجموعة من الإجراءات والتقنيات الطبية التي تهدف إلي تحسين مظهر الوجه والجسم دون الحاجة إلي تدخل جراحي، وتشمل هذه الإجراءات استخدام مواد مثل البوتوكس والفيلر وعلاجات الليزر والتقشير الكيميائي، والميزو ثيربي، وشد الوجه بالخيوط”.. عدنا لنسأله مرة أخر ي هل يجوز لغير المتخصصين القيام بمثل هذه الإجراءات؟..جاءت الإجابة علي النحو التالي: “لا يجوز لغير المتخصصين إجراء عمليات التجميل اللاجراحية، يجب أن تجري هذه العمليات بواسطة أطباء متخصصين في الجراحة التجميلية أو الجلدية لضمان السلامة وتجنب المخاطر المحتملة”.. سؤال أهم من الأسئلة السابقة، هل يجوز الحصول علي دورات تدريبة “كورس” لغير الأطباء في مجال “التجميل اللاجراجي” وماهي المشكلات الطبية  التي تنجم عن ممارسة غير الأطباء لهذا المجال؟..فأجاب AI””: ” لا، الدورات التدريبية وحدها غير كافية لإجراء التجميل اللاجراحي لغير المتخصصين، يجب علي الأفراد الذين يرغبون في ممارسة التجميل اللاجراحي أن يكونوا حاصلين علي مؤهلات طبية معترف بها مثل بكالوريوس الطب أو الصيدلة، أوأن يخضعوا لدورات تدريبية متخصصة في هذا المجال”.. كما يوجد في مصر مراكز علمية تمنح هذه الشهادة للحاصلين علي بكالوريوس الطب، وتعتبر هذه الشهادة لمن يحصل عليها  بمثابة دبلومة متخصصة في هذا المجال.
إلي هنا الحديث طيب ماهو أت غير مطمئن، لفت انتباهي تفاصيل الإعلان لهذا المركز المدون به إسم صاحبة المركز الذي يقع في حي راق جدا “مدينتي”، وأن صاحبة المركز لا تحمل صفة طبيبة، وبالتحري والدقة-وهذا عمل الصحفي- قبل أن يكتب مقاله- اكتشفت من واقع صفحتها علي وسائل التواصل الإجتماعي أنها لاتحمل مؤهل طبي يؤهلها لهذا العمل، وتابعت برامجها المذاعة والمنتشرة علي بعض الفضائيات الخاصة، وعلي تطبيق “اليوتيوب”، أنها غير حاصلة علي بكالوريوس الطب، بل حاصلة علي بكالوريوس إعلام، وتارة أخري تقول أنها حاصلة علي دكتوراة في إدارة الأعمال من جامعة بريطانية،، وتبرر عملها في مجال “التجميل اللاجراحي” انها حاصلة علي العديد من الدورات الطبية المتخصصة في هذا المجال.. وبالفحص والتمحيص من واقع الفيديوهات التي تظهر بها  نجدها تقوم بحقن الحالات وإجراءات لايقوم بها إلا متخصص في مجال الطب كما أخبرنا الذكاء الاصطناعي، ولا ندري ما هو أخطر  يمكن ان يخبرنا به الأطباء المتخصصون في مجال الطب.
هذه الواقعة ليست الوحيدة، بل أن صفحات الحوادث مدون بها  يوميا عن وقائع تتعلق  بالأخطاء الطبية التي تنجم عن هذه المراكز الطبية المتخصصة فما بالكم  بالمراكز غير المتخصصة..  وفقا لإحصائيات 2024، يوجد في مصر أكثر من 100 ألف منشأة طبية في مجال التجميل، تخضع للرقابة كاملة ويتم متابعتها دوريا لرصد أي تجاوزات طبية قد تحدث، كما استطاعت وزارة الصحة ضبط 3 ألاف منشأة مخالفة وتم إحالتهم للتحقيق واتخاذ الإجراءات الكاملة تجاه المخطئين.
رغم هذه الإجراءات الصارمة والمشددة يبقي هناك العديد من المنشآت بعيدة كل البعد عن الدور الرقابي، وليس لدينا احصائيات بحجم وكم الجرائم التي ترتكبها هذه المراكز.. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد من إعلانات مكثقفة ومضللة أحيانا كثيرة، بل تشارك القنوات الفضائية –إلا من رحم ربي- في نشر هذا الزيف واستضافة بعض من سولت لهم أنفسهم أنهم متخصصين في مجال التجميل اللاجراحي، ونشر مالديهم في القنوات وبالطبع هذا الظهور مدفوع الأجر “عايز تظهر وتقول اللي نفسك فيه، ادفع كاش”.. للأسف الشديد هكذا يتم العبث بأجساد المصريين باسم ” الجمال والتجميل” من غير المتخصصين، لاسيما أن بعض الأخطاء  قد ينجم عنها تشوهات لايمكن علاجها. 
نطالب وزارة الصحة والمجلس الأعلي لتنظيم الإعلام ونقابة الإعلاميين بالتنسيق فيما بينهم، واتخاذ الإجراءات اللازمة وتطبيق القوانين الصارمة والعقوبات المشددة تجاه المراكز غير القانونية والتي تمارس جريمتها علي أجساد المصريين دون ردع أو عقوبات صارمة.. الخطأ يمكن تداركه، لكن الإصرار علي الخطأ لايمكن قبوله أو السماح لكل مرتكب جريمة.





Source link

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back To Top